لا حلفاء للعونيين بالمتن: بوصعب “يبتعد” والطاشناق يضعف

كتب وليد حسين في المدن:
بدأت تظهر بعض الإحصاءات التي تجريها مختلف القوى والمجموعات، لوضع تصورات حول المعركة الانتخابية المقبلة. وأعطت بعض الإحصاءات في دائرة المتن حزب الكتائب اللبنانية مقعدين مضمونين والقوات اللبنانية مقعداً وكسر مرتفع بالأصوات، وقوى المعارضة مقعدين والتيار الوطني الحر مقعداً مع كسر منخفض، لا تمكنه من الحصول على مقعد ثانٍ في حال عدم ترشح النائب الياس بو صعب على اللائحة. ما يعني أن الصراع في الدائر سيكون على ثلاثة مقاعد في معركة الكسر الأعلى، ومن يستطيع الحصول عليه، في حال لم تتبدل المعطيات.
الخوف من العقوبات
مشكلة التيار الوطني الحر في لبنان تتكثف في هذه الدائرة، حيث عين رئيس التيار جبران باسيل مسؤولاً عن التواصل السياسي في المتن لجدولة لقاءات له مع بعض الشخصيات والقوى هناك، لكن من دون أي أثر يذكر لهذا التعيين بعد. فمشكلة التيار تبقى في كيفية التوفيق بين الياس بو صعب وإبراهيم كنعان من ناحية، وابتعاد بو صعب عن لائحة التيار من ناحية ثانية.
ووفق مصادر مطلعة في المنطقة، قال بو صعب في أحد المجالس الخاصة أن وزر المقعد النيابي بات كبيراً عليه، قياساً بالتحديات الكبيرة التي يواجهها. والمقصود خسارة مصالحه المالية في الإمارات والخليج. هذا فضلاً عن خوفه من العقوبات الأميركية. وقيل إن نصائح بعدم الترشح على لائحة التيار وجهت له من السفيرة الأميركية في بيروت، خلال العشاء الذي دعاها إليه مساء الإثنين في 20 كانون الأول. لكن مصادر مطلعة أكدت أن الحديث معها لم يتطرق إلى الانتخابات، بل تركز على ملف ترسيم الحدود، الذي عهده إليه رئيس الجمهورية ميشال عون.
معضلة الأصوات التفضيلية
وتؤكد المصادر أنه سبق ومُنع بو صعب لمدة من الدخول إلى الإمارات، وأعاد إصلاح الوضع، بما يمتلك من علاقات قوية مع بعض الحكام هناك. لكن يبدو أن وضعه ساء مجدداً، وهناك شروط عليه لعدم الترشح على لائحة باسيل. في المقابل، تشير مصادر أخرى إلى أنه بمعزل عن المشكلة مع دول الخليج والعقوبات، إشكالية بو صعب الأهم باتت داخل التيار نفسه. فهو مرتاب من إبراهيم كنعان في المنافسة على الأصوات التفضيلية وكيف سيوزع التيار الأصوات على المرشحين بعدما تراجعت شعبيته كثيراً. فأصوات التيار في العام 2018 كانت نحو 20 ألف صوت تفضيلي، أي مجموع أصوات كنعان وبو صعب وإدي معلوف. وكسبت اللائحة المقعد الثالث من خلال أصوات سركيس سركيس وغسان مخيبر وغسان الأشقر. بينما التيار سيكون منفرداً هذه المرة، ولن يجد أي حليف في المتن في الانتخابات المقبلة. وكان باسيل يطمح لترشيح ميرنا المر على لائحته، ولم تكتمل المساعي.
الريبة من كنعان
وتؤكد المصادر أن بو صعب لديه أصواته الخاصة من خلال نشاطه المالي والاجتماعي، والحزب القومي السوري ورصيد زوجته جوليا بطرس. لكن الجزء الآخر الذي مكنه من الدخول إلى البرلمان، كان بفضل توزيع “التيار” الأصوات التفضيلية على مرشحيه الثلاثة. وهذا الأمر بات متعذراً بعد خسارة الحلفاء وتراجع شعبية التيار، التي تقدر بين ثلاثين وخمسين بالمئة في لبنان. وبما أن التوقعات هي أن يحصل التيار على مقعد مع كسور، بات بو صعب يعيد حساباته، لأن كنعان قد يكسب المقعد على حساب كل الخدمات التي يقدمه هو للمتن. فكنعان استغل غياب المتني الياس المر وراح يشبك علاقات قوية مع رؤساء بلديات كانت توالي المر. وهذا يخيف بو صعب الذي يدرس إمكانية تشكيل لائحة مع بعض الناشطين في المتن.
تابوه الجنرال
في حسابات التيار العام 2018، نحو 14 ألف ناخب قاطعوا الانتخابات. كان يفترض أن يصل الحاصل الانتخابي في تلك الانتخابات إلى نحو 13 ألف صوت، لكن المقاطعة جعلته نحو 11 ألف صوت. ولأن البعض يعتقد أن الشارع المسيحي في الانتخابات المقبلة سيكون معبئاً للتصويت العقابي، سيكون التيار أكبر المتضررين. فخسارة “الجنرال” (رئيس الجمهورية) لم يعد “تابوهاً” بين المسيحيين، الذين اندفعوا لدعمه في بداية عهده والتصويت للتيار. بل بات ينظر إليه أنه لم يحقق أي شيء وشارف عهده على النهاية. ما يصعب مهمة التيار في الحصول على أكثر من مقعد، خصوصاً إذا ارتفع الحاصل.
المشكلة الأرمنية
في السابق كان وضع التيار جيداً، وكان في بداية العهد، ولم يربح التحالف مع الطشناق سوى ثلاثة مقاعد، والرابع أتى بالكسر الأعلى للأصوات. لكن في ظل تضعضع التيار والأحزاب الأرمنية، والهجرة الكبيرة التي حصلت في السنتين الأخيرتين بين الأرمن (عدد الذين تسجلوا في الخارج ضئيل جداً وفي المتن نحو 900 أرمني)، سيتراجع الأرمن أكثر من الانتخابات السابقة. حتى أن الإحصاءات تشير إلى تراجع الطاشناق إلى نحو 4800 صوت (كان أكثر من سبعة آلاف). وهناك خلافات مع الهانشاك، حليف تيار المستقبل. وبات الطاشناق مهدداً بخسارة الأصوات التي جيرت له، إضافة إلى خسارة الأصوات السنية للائحة.
خوف متبادل
واقع الحال أن الطاشناق والتيار ينظران إلى بعضهما بعين الريبة. فدخول الطاشناق إلى اللائحة يؤدي إلى رفع نصيبها للحصول على مقعدين (حاصل وكسر أعلى) ويكون المقعد حكماً من حصة الطاشناق. وهذا يعني ضياع كسور الأصوات على مرشحي التيار. أما عدم الدخول مع التيار، فيؤدي إلى خسارة الطاشناق، مع إمكانية فوز التيار بمقعد ثانٍ بالكسور. معضلة حسابية تثير ريبة الطرفين.
وتشير بعض المصادر إلى إمكانية تشكيل ميشال المر لائحة مع الطاشناق. فهي أفضل الحلول لكليهما: التنافس على الأصوات متكافئ بينهما، ومن يشد همته أكثر يحصل على المقعد. لكن لم يحسم هذا الأمر بعد، مع ترجيح تحالف الطاشناق والتيار.
الخط التاريخي
صراع اللوائح في المتن على كسور الأصوات أساسي، في ظل توزع القوى الحالي. وكل طرف يبحث عن حليف لرفع نسبة الكسر. لكن حظوظ تحالف جبهة المعارضة والكتائب يمكنها من المنافسة على المقعد الرابع، كما تؤكد المصادر. وهذا مرتبط بالتصويت العقابي للتيار والرغبة العامة في لبنان للاقتراع للقوى البديلة (معطيات إحصائية تتبدل مع تبدل المزاج العام). ووفق المعلومات، إمكانية انضمام “الخط التاريخي” (قدامى العونيين) إلى اللائحة المعارضة يرفع نصيبها من المقاعد إلى أكثر من أربعة. ويحكى عن ترشيح طانيوس حبيقة، الذي شغل منصب منسق التيار في القضاء لأكثر من 13 سنة. وصحيح أنه غير معروف على مستوى لبنان، لكن له حضوراً قوياً في المتن، والعونيون يكنون له مودة واحترام، ويصوتون له لمعاقبة جبران، كما تؤكد المصادر.